أثبتت الدراسات مؤخراً أنّ البصريات الكمومية -وهو مجال دراسة تفاعل الضوء مع المادة- تتيح الفرصة للخبراء لإنشاء أنظمة أكثر تعقيداً قادرة على نقل المعلومات لحظياً بين مكانين، عوضاً عن الوضع التقليدي الراهن الذي يعتمد على الاتصال فيزيائياً بين طرفين لغرض إرسال المعلومات من جهة إلى أخرى.
ولا يمكن حدوث الاتصال الكمي إلا بوجود حالات كمية ثلاثية الأبعاد، وهو ما يعني ضرورة وجود فوتونات متشابكة كمياً، إضافية لتوسيع قدرة الوصول إلى أبعاد أعلى.
وفي عمل مشترك لخبراء من جامعة ويتس ومعهد العلوم الضوئية، أجريت تجربة على إرسال حزمة ضوئية عن طريق خاصية الانتقال الآني، وهي المحاولة الأولى لنقل صورة عبر شبكة غير مترابطة فيزيائياً.
وفي الدراسة التي حملت عنوان "النقل الكمي للملعومات المكانية عالية الأبعاد باستخدام كاشف غير خطي"، استخدم فريق البحث بقيادة الدكتورة بيرينيس سيفتون، كاشفاً بصرياً غير خطي يلغي الحاجة إلى فوتونات إضافية، مما يوفر عملية أكثر بساطة وكفاءة.
وعلى نحو مذهل أثبت الكاشف قدرته على التعامل مع أي نمط معلومات يحتاج إلى الإرسال، وأدى العمل الرائد إلى اكتشاف 15 بُعداً جديداً من شأنه تمهيد الطريق لاتصالات الشبكات الكمومية ذات السعات المعلوماتية العالية.
ويمكن إسقاط هذه التجربة عملياً على الإجراءات البنكية، فقد يُطلب من بعض العملاء إرسال معلومات حساسة خاصة إلى البنك مثل بصمة الإصبع، وفي الحالة التقليدية ثمّة ثغرة أمنية محتملة، إذ إن المعلومات المرسلة تكون عرضة للاعتراض من قبل أطراف غير مصرح لها. بمعنى آخر، يفتقر النهج التقليدي إلى التدابير الأمنية الحاسمة التي تحمي المعلومات أثناء تنقلها، مما يجعلها عرضة للتنصت أو الاعتراض. وأما في التجربة المبتكرة فإنّ انتقالاً فورياً سوف يحدث دون وجود أيّ رابط فيزيائي.
ويفتقر المثال السابق إلى عنصر واحد فقط ليصبح الأمر ممكناً، إذ يتطلّب الأمر شعاع ليزر ساطعاً لكي يستجيب الكاشف غير الخطّي ولإخطار المرسل بما سيتم إرساله.
وبهذا السياق، فإنّ هذه التكنولوجيا ما زالت قيد التطوير ولا يمكن الإشارة إليها بأنها انتقال لحظي بعد، ومن الوارد أن يحدث ذلك في المستقبل إذا ما أصبح الكاشف غير الخطّي أكثر كفاءة وتطوراً.